التصنيفات العالمية للجامعات: محفّز للتميّز لا غاية بحد ذاته
تُعد التصنيفات الأكاديمية العالمية إحدى الأدوات المحورية التي تعتمدها الجامعات لتقييم أدائها استنادًا إلى معايير دولية دقيقة وشاملة. تغطي هذه التصنيفات مجالات متنوعة مثل السمعة الأكاديمية، وجودة البحث العلمي، وقابلية توظيف الخريجين، وسمعة الخريجين، والاستدامة، والانفتاح الدولي، وغيرها. فهي بمثابة مرآة موضوعية تساعد المؤسسات على رصد نقاط القوة، واكتشاف فرص التحسين، ورسم خارطة طريق واضحة نحو التميز المستدام.
ومع ذلك، من المهم التأكيد أن التصنيفات ليست الهدف النهائي للجامعة، وليست المقياس الوحيد لنجاحها أو مكانتها. صحيح أن التصنيفات تسلط الضوء على بعض الإنجازات، لكنها لا تختزل هوية الجامعة ولا رسالتها الجوهرية ولا أثرها المجتمعي الحقيقي. والدليل على ذلك أن العديد من الجامعات الأوروبية العريقة، رغم مكانتها الأكاديمية المرموقة ومخرجاتها المؤثرة في مجالات الاقتصاد والابتكار والتنمية، لا تشارك في هذه التصنيفات لأسباب تتعلق بخصوصية رسالتها وأهدافها.
إن التميز الجامعي لا يُقاس بالأرقام فقط، بل يُقاس أيضًا بمدى ارتباط الجامعة بقضايا مجتمعها، وبقدرتها على إعداد خريجين مؤهلين يمتلكون المهارات والمعرفة لإحداث أثر ملموس في مجالات التكنولوجيا، والابتكار، وريادة الأعمال، والتعاون الدولي. فالجامعات مؤسسات ذات رسائل متنوعة؛ منها ما يركز على البحث العلمي، ومنها ما يتجه نحو التطبيق العملي أو التقني، ومنها ما يخدم القطاعات الطبية أو الهندسية أو الدفاعية، ولكل منها دورها المميز في خدمة المجتمع.
من هنا، فإن معيار النجاح الحقيقي للجامعة يتمثل في الأثر الإيجابي الذي تتركه في بيئتها المحلية والإقليمية والدولية، إلى جانب موقعها في التصنيفات العالمية. ويجب أن ننظر إلى التصنيفات كأداة تحفيز وتطوير، لا كغاية في حد ذاتها، وأن نواصل العمل على تعزيز دور جامعاتنا كمنارات للعلم، ومحركات للتنمية، وروادًا للتغيير الإيجابي.
فلنجعل من التصنيفات محفزًا للتميز، وأداة للبناء والتطوير، لا معيارًا وحيدًا للنجاح، ولنعمل معًا على ترسيخ مكانة جامعاتنا في خدمة العلم والمجتمع.
التصنيفات العالمية للجامعات: محفّز للتميّز لا غاية بحد ذاته
التصنيفات العالمية للجامعات: محفّز للتميّز لا غاية بحد ذاته
عنوان المقالة “التصنيفات العالمية للجامعات: محفّز للتميّز لا غاية بحد ذاته” يعكس رؤية نقدية متزنة تجاه دور التصنيفات الأكاديمية. فالتصنيفات، رغم أهميتها كأداة تقييم ومقارنة، لا يجب أن تتحول إلى هدف بحد ذاته أو معيار وحيد لقياس نجاح الجامعات.
إنها محفز مهم يدفع الجامعات إلى تحسين أدائها ورفع جودة البحث والتعليم، لكنه لا يعكس بالضرورة الهوية الحقيقية للمؤسسة أو أثرها المجتمعي العميق. خاصة في السياق العربي والآسيوي، حيث تواجه الجامعات تحديات خاصة في التصنيفات العالمية، مما يستدعي تبني رؤية شاملة تأخذ بعين الاعتبار الأدوار المتنوعة للجامعات وأهدافها المحلية والإقليمية، وليس فقط ترتيبها الرقمي.
لذلك، يجب أن تُستخدم التصنيفات كأداة تحفيز وتطوير، لا كغاية نهائية، مع التركيز على بناء مؤسسات تعليمية قادرة على إعداد خريجين متميزين يسهمون بفعالية في مجتمعاتهم، ويحققون التنمية المستدامة. هذا التوازن هو مفتاح التقدم الحقيقي للجامعات، خاصة في مناطقنا العربية، حيث يمكن للتصنيفات أن تكون دافعًا للتميز وليس قيدًا يحد من رؤيتها ورسالتها.
No comment