ما مدى أهمية تصنيف الجامعات؟

على مستوى العالم، تعتمد الجامعات على مكانتها في التصنيفات وسمعتها الأكاديمية، سواء كانت من جامعات النخبة مثل جامعات آيفي ليج (Ivy League) أو أكسفورد أو كامبريدج. في أستراليا، يُعادل ذلك مجموعة الثمانية (Group of Eight – GO8) من الجامعات البحثية. ومن الطبيعي أن يفضّل طلاب المدارس الثانوية الالتحاق بهذه المؤسسات نظرًا لسمعتها المرموقة في المجتمع الأكاديمي. لكن، هل ينعكس هذا التصنيف المرموق فعليًا على فرص الخريجين في سوق العمل؟
أولًا، من المهم الإشارة إلى أن هذه الجامعات تركز بشكل أساسي على البحث العلمي، بينما يُعدّ التدريس وظيفة ثانوية لديها. وبالتالي، هل هي بالفعل قادرة على مواكبة الاحتياجات المتغيرة بسرعة في سوق العمل الذي ينضم إليه الخريجون؟
بالطبع، الإجابة على هذا السؤال تعتمد إلى حد كبير على المسار الوظيفي الذي يسعى إليه الطالب. على سبيل المثال، إذا كان الهدف هو الحصول على وظيفة أكاديمية أو أن يصبح الشخص أستاذًا جامعيًا، فإن النهج النظري الصارم الذي تتبعه جامعات مجموعة الثمانية سيكون مفيدًا للغاية. ومع ذلك، فإن نسبة الساعين لهذا المسار المهني تشكّل جزءًا ضئيلًا من إجمالي سوق العمل للخريجين. أما الأغلبية المتبقية، فإذا تم الاعتماد فقط على المعرفة الأكاديمية دون التركيز على المهارات العملية، فقد يجدون أنفسهم غير مهيئين تمامًا لسوق العمل، أو حتى غير قادرين على إيجاد وظائف مناسبة. ورغم ذلك، تواصل جامعات GO8 التركيز بشكل كبير على زيادة إنتاجها البحثي، حتى وإن كان ذلك على حساب تطوير المهارات العملية للطلاب.
من ناحية أخرى، فإن العديد من الجامعات التقنية قد تكون أكثر قدرة على تقديم المهارات المهنية المتخصصة التي يحتاجها الطلاب في حياتهم العملية. فعلى سبيل المثال، في دراسة مادة قانون العقود، قد تقدم إحدى الجامعات التقنية ورشة عمل حول كيفية صياغة العقود بشكل عملي، بينما ستكتفي جامعة من مجموعة الثمانية بتحليل الجوانب النظرية للقانون. بالطبع، الجانب النظري مهم، لكنه قد لا يكون بنفس الفائدة العملية التي توفرها ورش العمل عند دخول الخريج سوق العمل. كما أن الجامعات التقنية وغير المنتمية إلى مجموعة GO8 تميل إلى تقديم أنشطة تدريبية إضافية خارج الفصول الدراسية، مثل الشراكات مع الشركات والبرامج التدريبية والتطبيقية.
علاوة على ذلك، بدأت العديد من الشركات وأصحاب العمل في التركيز على تنوع الخلفيات التعليمية للمرشحين، بدلاً من الاكتفاء بتوظيف خريجي الجامعات المرموقة فقط. في الواقع، قد يفضل بعض أصحاب العمل توظيف الخريجين المتفوقين من الجامعات الإقليمية أو الأقل شهرة، مما يفتح المجال أمام فرص أوسع للطلاب خارج دائرة الجامعات ذات التصنيف العالي.
إذًا، هل تعكس التصنيفات الجامعية بالفعل فرص التوظيف كما يتم الترويج لها؟ هذا قرار فردي يتطلب دراسة متأنية وبحثًا يتجاوز الحملات الترويجية للجامعات. من الضروري معرفة ما إذا كانت الجامعة تقدم شراكات خارجية أو برامج تدريبية أو مسابقات مثل “الهاكاثون”، حيث إن مثل هذه الأنشطة تُعتبر دليلاً على التزام الجامعة بتطوير المهارات المهنية التي يقدّرها أصحاب العمل.
للحصول على نصائح إضافية حول اختيار الجامعة المناسبة، من الأفضل مقارنة مجموعة متنوعة من التصنيفات التي تستند إلى معايير مختلفة، وليس فقط التصنيف الأكاديمي. كما يُنصح بإجراء بحث إضافي حول نتائج توظيف الخريجين، إذا كان ذلك يمثل أولوية. علاوة على ذلك، يمكن الاستفادة من آراء وتجارب الخريجين الحاليين والسابقين للحصول على تقييمات أكثر دقة.