نظرة نقدية من زاوية المجتمع العربي

أولاً: منطقية التصنيفات العالمية للجامعات

التصنيفات تعتمد على معايير موحّدة تشمل البحث العلمي، السمعة الأكاديمية، عدد الاستشهادات، التعاون الدولي، إلخ. لكنها، رغم دقتها في جمع البيانات، تواجه إشكالية جوهرية عند تطبيقها على جامعات من أنظمة تعليمية وثقافية واقتصادية مختلفة. فالمعايير التي تبرز جامعة أمريكية أو بريطانية قد لا تكون مناسبة لجامعة في العالم العربي، حيث الأولويات المجتمعية والموارد واللغة تختلف جذريًا.

“لا توجد ثقة حقيقية بأن البيانات التي تُجمع من الجامعات حول العالم متوافقة من حيث التعريفات والمعايير، باستثناء بيانات النشر العلمي. حتى تعريف الطالب أو عضو هيئة التدريس يختلف من بلد لآخر، مما يجعل المقارنة غير دقيقة”.

ثانياً: هل هناك انقسام في العالم العربي حول التصنيفات؟

نعم، هناك انقسام واضح.

  • بعض الجامعات العربية، خاصة في الخليج، تسعى بقوة لتحسين ترتيبها في التصنيفات العالمية عبر الاستثمار في البحث العلمي وجذب الكفاءات الدولية، كما هو الحال مع جامعات السعودية والإمارات.
  • في المقابل، هناك جامعات عريقة في مصر أو المغرب أو الجزائر تركز على خدمة المجتمع المحلي أو التعليم باللغة العربية أو الفرنسية، ولا تعتبر التصنيف العالمي أولوية، بل أحيانًا تراه غير منصف لواقعها ودورها المحلي.

مثال عملي:
جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في السعودية تتصدر التصنيفات الإقليمية والعالمية بسبب تركيزها على البحث والنشر الدولي. بينما جامعة القاهرة، رغم تاريخها العريق وتأثيرها المجتمعي، لا تظهر دائمًا في المراكز الأولى عالميًا بسبب اختلاف المعايير وعدم التركيز على النشر الدولي بالإنجليزية.

ثالثاً: هل الطلاب وأولياء الأمور في العالم العربي مخطئون بتجاهلهم التصنيفات؟

الإجابة: ليسوا مخطئون إطلاقًا.
الاختيار الجامعي في العالم العربي يخضع لمعايير واقعية تتجاوز التصنيفات العالمية، منها:

  • السمعة المحلية للجامعة وسهولة التوظيف بعد التخرج.
  • القرب الجغرافي والظروف الاقتصادية للعائلة.
  • قوة التخصصات الطبية أو الهندسية أو القانونية محليًا.
  • اللغة المستخدمة في التدريس ومدى ملاءمتها لسوق العمل المحلي.
  • الاعتبارات الاجتماعية والثقافية.

مثال عملي:
كثير من الطلاب في مصر أو الجزائر يفضلون الجامعات الحكومية الكبرى رغم وجود جامعات خاصة أو إقليمية ذات تصنيف عالمي أعلى، لأن الأولى تضمن لهم فرص عمل في القطاع الحكومي أو الاعتراف المجتمعي.

رابعاً: هل التصنيفات تقدم صورة حقيقية عن جودة الجامعات العربية؟

  • التصنيفات تعطي صورة عن قوة البحث العلمي والسمعة الدولية، لكنها لا تعكس دائمًا جودة التدريس أو ملاءمة البرامج لسوق العمل المحلي أو التأثير المجتمعي.
  • كثير من الجامعات العربية تحقق نجاحات محلية أو إقليمية لا تظهر في التصنيفات بسبب عدم التركيز على النشر الدولي أو ضعف التمويل أو اختلاف اللغة.

خلاصة :

  • التصنيفات العالمية أداة مفيدة للمقارنة الدولية، لكنها ليست مرآة دقيقة لجودة التعليم أو مدى ملاءمة الجامعة لاحتياجات الطالب العربي.
  • يجب على الطلاب وأولياء الأمور النظر للتصنيفات كأداة مساعدة فقط، مع التركيز على السمعة المحلية، جودة التخصص، فرص العمل، والظروف الشخصية.
  • الجامعات العربية مطالبة بتطوير معايير تقييم محلية وإقليمية تراعي خصوصية المجتمع والاقتصاد والثقافة.

مصادر للاطلاع والتحليل:

  • تقرير US News لتصنيفات الجامعات العالمية 2025.
  • تحليل حول محدودية التصنيفات العالمية وعدم دقتها في المقارنة بين الأنظمة المختلفة.
  • تصنيفات QS للجامعات العربية 2025 وأمثلة من السعودية ومصر

No comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *