“Webometrics: كيف يُعيد التصنيف الرقمي العالمي رسم خريطة الجامعات العربية؟”


في عالم تتسارع فيه وتيرة التحول الرقمي، لم يعُد التميّز الأكاديمي مقتصرًا على عدد الأوراق المنشورة أو حجم الحرم الجامعي، بل امتد ليشمل «الحضور الإلكتروني» الذي تفرضه منصات الويب ومحركات البحث العلمي. من هنا، برز تصنيف Webometrics – الصادر عن مختبر «Cybermetrics» التابع للمجلس الأعلى للبحوث العلمية الإسباني (CSIC) – كأحد أكثر مؤشرات الترتيب العالمية تأثيرًا، إذ يقيّم أكثر من 31,000 مؤسسة تعليمية كل ستة أشهر وفق ثلاثة محاور رئيسية:

  1. الظهور (50%): عدد الروابط الخارجية التي تشير إلى موقع الجامعة، بما يعكس «صيتها الرقمي».
  2. الشفافية (10%): استشهادات أفضل 310 باحثين في الجامعة عبر Google Scholar.
  3. التميّز (40%): عدد الأبحاث الواقعة ضمن أفضل 10% عالميًا في قواعد Scopus/Scimago.

النتيجة؟ ترتيب لا يقيس «سمعة» الجامعة فحسب، بل يكشف مدى قدرتها على إتاحة معرفتها مجانًا للعالم، وهو ما يُعرف بالـ«Open Access».


الجامعات العربية: من التحدي إلى الصعود الرقمي

رغم أن Webometrics لا يدرج مخصصات البحث العلمي أو برامج التبادل الطلابي، إلا أنه يمنح الجامعات العربية منصة تنافسية سريعة ومنخفضة التكلفة نسبيًا. وفي الترتيب الأخير (يناير 2024) برزت ثلاث إشارات لافتة:

  • الملكة السعودية تحافظ على «الصدارة العربية» من خلال جامعتي الملك عبدالعزيز (JAU) والملك سعود (KSU)، حيث تتقدمان بفضل سياسة الوصول المفتوح للرسائل العلمية وإيداع الأبحاث في مستودعات مؤسسية مثل «DSpace».
  • الإمارات تسجل أسرع معدل صعود خلال عامين؛ إذ قفزت جامعة الإمارات 130 مركزًا عالميًا بعد إطلاقها منصة بيانات علمية موحدة تُظهر نشاط 600 باحث.
  • مصر والمغرب يتصدران قائمة «الكمّ» بعدد الجامعات المدرجة (32 مؤسسة مصرية و24 مغربية)، ما يعكس توسع شبكات الويب الجامعية شمال إفريقيا، رغم أن معدل الاستشهادات ما زال دون المستوى العالمي.

لماذا يهمّ العرب هذا التصنيف؟

  1. التحوّل الرقمي أولوية قومية
    مع إطلاج رؤية السعودية 2030 واستراتيجية الإمارات للاقتصاد الرقمي، صار «الظهور الإلكتروني» مؤشرًا مباشرًا على مدى تحقق أهداف التحول المعرفي.
  2. الجذب الطلابي والبحثي
    أظهرت دراسة استطلاعية أجرتها «بوسطن كونسلتنج» أن 64% من طلاب الماجستير الدوليين يُرجحون اختيار جامعة عالية التصنيف في Webometrics، لأنهم يربطون بين الترتيب الرقمي وتوافر المصادر المفتوحة.
  3. تمويل ومكافآت حكومية
    في الأردن وسلطنة عُمان ربطت وزارات التعليم العالي جزءًا من التمويل التنافسي بالترتيب في Webometrics، ما دفع الجامعات إلى تأسيس وظائف «أمناء محتوى رقمي» لأول مرة.

نصائح ذهبية للصعود في Webometrics

  • أطلق مستودعًا مؤسسيًا فورًا (DSpace، EPrints) واجعل ضوابط النشر تلزم الباحثين برفع نسخة مفتوحة من أبحاثهم.
  • شجّع أساتذتك على إنشاء ملفات شخصية في Google Scholar وربطها بصفحة الجامعة؛ فكل استشهاد يُحسب لصالح «الشفافية».
  • دوّن الأخبار البحثية بالإنجليزية على موقعك الإلكتروني، مع روابط معادة توجيهها إلى المستودع؛ فكل رابط خلفي (Backlink) من موقع إعلامي يُعزز «الظهور».
  • أنشئ قاعدة بيانات عامة لأطروحات الدكتوراه والماجستير، واربطها بمعرفات ORCID الخاصة بالباحثين.
  • شارك في حملات الارتباط المتبادل مع المستشفيات الجامعية ومراكز الأبحاث، إذ يُحتسب ترتيب المستشفيات أيضًا ضمن Webometrics.

خلاصة

Webometrics ليس مجرد رقم على شاشة؛ هو انعكاس لمدى جاهزية الجامعة العربية لعصر المعرفة المفتوحة. والمفارقة أن التصنيف الذي لا يطلب مليارات الدولارات ولا يشترط مختبرات فائقة، يمنح الجامعات الناشئة فرصة خوض غمار التنافس العالمي من بوابة الإنترنت. فهل تكون الجامعة العربية التالية التي تُفاجئ العالم بصعودها الرقمي؟ الجواب يبدأ اليوم، بتحميل أول بحث مفتوح على المستودع المؤسسي.

No comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *